اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 536
[سورة المائدة (5) : آية 27]
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)
قوله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ النبأ: الخبر. وفي ابنيْ آدم قولان:
أحدهما: أنهما ابناه لِصُلبه، وهما قابيل وهابيل، قاله ابن عمر، وابن عباس، ومجاهد، وقتادة.
والثاني: أنهما أخوان من بني إِسرائيل، ولم يكونا ابني آدم لصلبه، وهذا قول الحسن، والعلماء على الأول، وهو أصح لقوله تعالى: لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ [1] ولو كان من بني إِسرائيل، لكان قد عرف الدّفن.
(417) ولأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال عنه: «إِنه أول من سن القتل» .
وقوله تعالى: بِالْحَقِّ أي: كما كان. والقربان: فعلان من القرب، وقد ذكرناه في آل عمران.
وفي السبب الذي قربا لأجله قولان: أحدهما: أن آدم عليه السلام كان قد نُهِي أن يُنْكِحَ المرأة أخاها الذي هو توأمها، وأُجيز له أن يُنكحها غيره من إِخوتها، وكان يولد له في كل بطن ذكر وأُنثى، فولدت له ابنة وسيمة، وأخرى دميمة، فقال أخو الدميمة لأخي الوسيمة: أنكحني أُختك، وأُنكحك أُختى، فقال أخو الوسيمة: أنا أحق بأختي، وكان أخو الوسيمة صاحب حرث، وأخو الدميمة صاحب غنم، فقال: هلمَّ فلنقرّب قرباناً، فأينا تُقُبِّل قربانُه فهو أحقُّ بها، فجاء صاحب الغنم بكبش أبيض أعين أقرن، وجاء صاحب الحرث بصُبْرَةٍ [2] من طعام، فتُقُبِّل الكبش، فخزنه الله في الجنة أربعين خريفاً، فهو الذي ذبحه إِبراهيم، فقتله صاحب الحرث، فوَلَدُ آدم كلهم من ذلك الكافر، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: أنهما قرّباه من غير سبب. روى العوفي عن ابن عباس أن ابنيْ آدم كانا قاعدَين يوماً، فقالا: لو قرّبنا قرباناً، فجاء صاحب الغنم بخير غنمه وأسمنها، وجاء الآخر ببعض زرعه، فنزلت النار، فأكلت الشاة، وتركت الزرع، فقال لأخيه: أتمشي في الناس وقد علموا أن قربانك تُقُبِّل، وأنك خيٌر مني لأقتلنَّك.
واختلفوا هل قابيل وأُخته وُلدا قبل هابيل وأُخته، أم بعدهما؟ على قولين، وهل كان قابيل كافراً أو فاسقاً غير كافر؟ فيه قولان: وفي سبب قبول قربان هابيل قولان: أحدهما: أنه كان أتقى الله من قابيل. والثاني: أنه تقرّب بخيار ماله، وتقرب قابيل بشرِّ ماله. وهل كان قربانهما بأمر آدم، أم من قِبل أنفسهما؟ فيه قولان: أحدهما: أنه كان وآدم قد ذهب إِلى زيارة البيت. والثاني: أن آدم أمرهما بذلك.
صحيح. أخرجه البخاري 3335 و 6867 و 7321 ومسلم 1677 والترمذي 2673 والنسائي 7/ 81- 82 في «التفسير» 162 وعبد الرزاق 19718 وابن ماجة 2616 وأحمد [1]/ 383 وابن أبي شيبة 9/ 364 وابن حبان 5983 والطحاوي في «المشكل» [1]/ 483 من حديث ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقتل نفس ظلماً إِلاّ كان على ابن آدم الأول كِفْل من دمِها، لأنه أول من سنّ القتل؟» . وانظر «تفسير الشوكاني» 794 و «أحكام القرآن» 690 بتخريجنا. [1] سورة المائدة: 31. [2] في «اللسان» : الصّبرة: ما جمع من الطعام بلا كيل ولا وزن. كالكومة.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 536